متى يكون الألم الصدري مؤشرًا على مرض قلبي خطير؟

من الممكن أن يكون الألم الصدري مؤشرًا على أمراض خطيرة، فما أسبابه؟ وكيف يمكن التعامل معه؟

يعتبر الألم الصدري شكاية شائعة جدًا، إذ تُقدر الإحصائيات أن أكثر من 2% من مراجعي قسم الطوارئ يعانون من ألم صدري، والسؤال المهم هنا: هل يعتبر كل ألم صدري أمرًا خطيرًا ومهددًا للحياة؟ في الواقع، يمكن القول إن ربع الناس يشكون في وقت ما من حياتها من ألم صدري مزعج ومقلق، ورغم أن السبب القلبي الوعائي للألم الصدري يعد الأخطر إلا أن نسبة هذه الأسباب الخطيرة لا تتجاوز 40-45% من شكايات الألم الصدري (وهي نسبة مهمة بالطبع).

توجد أسباب كثيرة غير قلبية تسبب ألمًا صدريًا شديدًا ومقلقًا للمريض، لكنها لا تحمل خطورة حقيقية على حياة المريض، ويجب بكل تأكيد استبعاد الأسباب الخطيرة وطمأنة المريض وتثقيفه بشكل جيد حول نوبات الألم الصدري التي يعاني منها وكيف يمكن له التمييز بين الأسباب البسيطة والخطيرة للألم الصدري.

متى يجب أن نعتبر الألم الصدري خطيرًا؟

الألم الصدري الخطير هو كل ألم صدري شديد، يبدأ بشكل مفاجئ أثناء الراحة، أو يوقظ المريض من النوم، أو يستدعي التوقف المفاجئ عن العمل. ومن المؤشرات الخطيرة أيضًا أن يسبب الألم الصدري تبدلًا في حالة الوعي العامة للشخص (كأن يفقد المريض وعيه أو يضعف تركيزه العام خلال نوبة الألم الصدري)، أو يرافقه ضيقٌ في التنفس، أو يرافقه تبدل في العلامات الحيوية للمريض (ضغط الدم، ونبضات القلب) في حال كان بالإمكان قياسها مباشرة من قبل طبيب أو مقدم رعاية صحية مجاور للمريض.

أمام أي ألم صدري يمتلك الصفات السابقة لا تتردد أبدًا، بل يجب عليك مراجعة أقرب مشفى أو مركز إسعاف فورًا لتشخيص وتدبير الحالة.

ما هي أهم الأسباب القلبية الخطيرة للألم الصدري؟

ليست جميع أسباب الألم الصدري قلبية المنشأ، وحتى الأسباب القلبية قد لا تكون جميعها بنفس الخطورة، بالمقابل توجد أسباب غير قلبية للألم الصدري خطيرة جدًا، ولكنها نادرة لحسن الحظ.

تتميز الأسباب القلبية وخاصة الخطيرة منها للألم الصدري بأنها سهلة الكشف والتشخيص في معظم الحالات، ما يسمح بتقديم رعاية طبية باكرة وفعالة للمريض. إن أهم الأسباب القلبية الخطيرة للألم الصدري هو نقص التروية القلبية أو الاحتشاء القلبي الناتج عن تضيق أو انسداد في الشرايين الإكليلية للقلب، بالطبع ليست جميع درجات نقص التروية القلبية بنفس الخطورة. يتميز الألم الصدري الناتج عن نقص التروية القلبية بأنه يزداد عند الجهد ويتحسن بالراحة، ويجب معرفة عدة نقاط هامة حول هذا الألم:

  • من شروط تشخيص ألم الذبحة الصدرية أنه يحدث عند الجهد ويتحسن بالراحة خلال فترة قصيرة (لا تتجاوز 5-10 دقيقة).
  • تحدد درجة الجهد التي يحدث عندها الألم الصدري خطورة هذا الألم ودرجة تقدم المرض.
  • إن تجاوز فترة راحة 10-15 دقيقة كحد أقصى دون تحسن في الألم الصدري، أو حدوثه على الراحة، أو ترافقه مع تبدل في حالة وعي المريض هي أمور تستدعي مراجعة قسم الإسعاف فورًا.

يختلف توصيف المرضى للألم الصدري المتعلق بنقص التروية القلبية، في معظم الأحيان يصف المرضى ألمًا حادًا ضاغطًا أو عاصرًا، شاملًا لكل الصدر دون وجود نقطة محددة للألم، وقد يترافق هذا الألم مع ألم منتشر في الذراعين خاصة اليسرى، أو العنق، أو الفك السفلي، أو للأسفل باتجاه منطقة رأس المعدة. وقد يراجع المريض بواحدة فقط من الأعراض سابقة الذكر مع أو بدون ألم صدري صريح، أو قد يراجع بضيق تنفس مشابه تمامًا لما سبق من الصفات دون ذكر صريح لألم صدري.

يُشكل الألم الصدري الناتج عن نقص التروية القلبية 40% من الأسباب القلبية للألم الصدري، ويمكن القول إن الألم الصدري الذي لا يملك الصفات سابقة الذكر قد لا يكون غالبًا ألمًا صدريًا قلبيًا خطيرًا، ولكن ذلك لا يعني أن الأسباب غير القلبية ليست بالخطيرة، ومن الأمثلة على ذلك:

  1. قد يراجع المريض بألم صدري طاعن، يصفه المريض وكأنه خنجر اخترق جدار صدره، وهذا الألم من أشد الآلام الصدرية خطورة ويشير لانسلاخ في الشريان الأبهر، ولكن لحسن الحظ لا يعتبر من الأمراض الخطيرة.
  2. من الأسباب القلبية الخطيرة للألم الصدري هي النوبات الحادة من اضطراب النظم القلبي أو اضطرابات عمل الدسامات القلبية الحادة، وكون هذه الاضطرابات تؤدي إلى خلل في تروية العضلة القلبية فإنها قد تسبب صورة سريرية مشابهة لألم نقص التروية القلبية دون أن يكون هنالك مشكلة حقيقية في الشرايين الإكليلية.

هل الألم الصدري خفيف الدرجة آمن وغير خطير؟

بالطبع لا، في الواقع قد يعاني العديد من المرضى من أشكال خطيرة من نقص التروية القلبية دون أي ألم صدري صريح (كمرضى داء السكري المتقدم والمسنين). لا يجب النظر إلى الألم الصدري بشكل مجرد، بل يجب أخذ العديد من العوامل بعين الاعتبار لتقييم درجة خطورة الحالة، ومنها:

  • قد يحدث نقص التروية القلبية عند الشباب دون أي سابق إنذار، وهذه الحالات التي تحدث في عمر مبكر تكون أكثر خطورة وأصعب علاجًا.
  • يجب أن يؤخذ الألم الصدري خفيف الشدة بعين الاعتبار في حال وجود سوابق متكررة من الألم الصدري، أو إصابات ضمن أقارب من الدرجة الأولى (أب، أم، أخ، أخت، ابن، بنت)، خاصة إذا حدثت هذه الإصابات في الأعمار الصغيرة (دون 45 للرجال، ودون 55 للنساء).
  • إذا حدث الألم الصدري لدى مريض يعاني أصلًا من أمراض خطيرة مثل ارتفاع التوتر الشرياني، داء السكري، أو أي مرض قلبي آخر، فهو أخطر بغض النظر عن درجته، بالإضافة لعوامل خطورة هامة يجب توثيقها دائمًا مثل: التدخين، عدم ممارسة الرياضة، البدانة، فرط شحوم الدم.
  • قد يسبب التوتر والضغط النفسي، ألمًا صدريًا مقلقًا للمريض، ويجب الانتباه في هذه الحالة لاحتمال وجود أسباب أخرى للألم الصدري قد لا تكون مكتشفة أو مشخصة بعد.

في الختام نعيد التذكير بأن تشخيص الأسباب الخطيرة للألم الصدري أمر ممكن ولا يحتاج لوسائل تشخيصية معقدة، ويجب على أي شخص ألا يتردد في طلب المساعدة الطبية أو التوجه لأقرب مستشفى في حال عانى من ألم صدري يتصف بالخصائص الخطيرة سابقة الذكر، لأن الزمن عامل مهم جدًا في هذه الحالات وقد يشكل فارقًا بين الحياة والموت.

المصادر: 12

Loading spinner

تحدث مع طبيب على مدار الساعةخدماتنا متوفرة طوال اليوم حيث يمكنك وصف استشارتك بوضوح وبأسهل طريقة ممكنة

Share your love