من الطبيعي أن يعاني الأطفال مثلهم مثل البالغين من تقلبات عاطفية ومزاجية وبالنسبة لبعض الأطفال، يمكن أن يكون شعور طفلك بالحزن لفترة طويلة علامة على الاكتئاب الذي يجب علاجه حتى لا يستمر مع الطفل ويؤثر على حياته بشكل سلبي.

المحتويات

كيف يختلف اكتئاب الطفولة عن الكآبة والحزن؟

يختلف اكتئاب الطفولة عن التوتر والكآبة اليومية التي تصيب معظم الأطفال في أثناء نموهم وتطورهم، وحقيقة أن الطفل يشعر بالحزن أو الوحدة أو الانفعال لا يعني أنه يعاني من اكتئاب الطفولة أو أي مشكلة نفسية أخرى.

اكتئاب الطفولة هو حزن مستمر، وعند حدوثه يشعر الطفل بالوحدة واليأس والعجز وانعدام القيمة، عندما لا ينتهي هذا النوع من الحزن، فإنه يعطل كل جزء من حياة الطفل، فهو يتعارض مع الأنشطة اليومية للطفل والعمل المدرسي والعلاقة مع أفراد جيله، ويمكن أن يؤثر أيضًا على حياة كل فرد من أفراد الأسرة.

يمكن تقييم اكتئاب الطفولة وتشخيصه وعلاجه بشكل فعال بالأدوية أو العلاج النفسي أو كلاهما معًا، وإذا تُرك اكتئاب الطفولة دون علاج، فهو اضطراب اكتئابي خطير يمكن أن يؤدي إلى مشاكل خطيرة. ^[1]

ما الذي يسبب الاكتئاب والقلق لدى الأطفال؟

أسباب اكتئاب الطفولة غير محددة بدقة، ويمكن أن تكون له عدة عوامل مؤهبة، منها:

تناول بعض الأدوية.
البيئة (بما في ذلك المشاكل الأسرية).
تاريخ الأسرة (الأفراد الآخرين في الأسرة يعانون من الاكتئاب).
بعض الأمراض الجسدية.
أحداث الحياة المجهدة.
خلل في الهرمونات.

هل يمكنني حماية طفلي من الإصابة بالاكتئاب أو القلق؟

أظهرت الدراسات أن الأطفال الذين لديهم تاريخ عائلي من الاكتئاب هم أكثر عرضة للإصابة باكتئاب الطفولة، ويميل الأطفال الذين لديهم آباء يعانون من الاكتئاب أو يعيشون في أسر فوضوية (غير متفاهمة) إلى الإصابة بأول نوبة من الاكتئاب في وقت أبكر من الأطفال الذين لا يعاني آباؤهم من الاكتئاب، كما يمكن أن ينتج الاكتئاب عن مواقف معينة في الحياة أو قد يكون له سبب بيولوجي، ولا يمكنك دائمًا كوالد أن تتحكم في الضغوط التي يتعرض لها طفلك، لكن يمكنك المساعدة في تحسين الصحة النفسية لطفلك من خلال ضمان حصوله على:

تمارين رياضية يومية.
بيئة آمنة وداعمة في المنزل والمدرسة.
قسط كافٍ من النوم.
وجبات طعام صحية ومتوازنة.

ما هي علامات وأعراض الاكتئاب عند الأطفال ؟

قد تختلف أعراض اكتئاب الطفولة ويعتمد ذلك على حالة الطفل واضطراب المزاج الخاص به، وفي كثير من الأحيان، لا يشخَّص اكتئاب الطفولة ولا يتم علاجه لأنه يعتبر مجرد تغيير عاطفي ونفسي طبيعي يحدث أثناء النمو. ^[2]

تشمل علامات وأعراض اكتئاب الأطفال ما يلي:

تغيرات الشهية (إما زيادة الشهية أو نقصها).
تغيرات في النوم مثل الأرق أو النوم المفرط.
مشاعر الحزن أو اليأس المستمرة.
الانسحاب الاجتماعي.
صعوبة التركيز والتعب وانخفاض الطاقة.
الشعور بعدم القيمة أو الذنب.
البكاء الشديد.
زيادة الحساسية للرفض والغضب الدائم.
فقدان الاهتمام بالهوايات والأنشطة الأخرى.
الاضطرابات الجسدية (مثل آلام المعدة أو الصداع) التي لا تستجيب للعلاج.

كيف يمكن علاج الطفل الذي يعاني من الاكتئاب؟

هناك العديد من الخيارات المتاحة لعلاج الاكتئاب عند الأطفال، وينقسم العلاج إلى شقين هما العلاج النفسي والعلاج بالأدوية، حيث يستخدم المختصون أحد هذين العلاجين أو كلاهما معًا.

العلاج النفسي:

العلاج السلوكي المعرفي (CBT):

العلاج السلوكي المعرفي هو العلاج الرئيسي للأطفال والمراهقين المصابين بالاكتئاب، ويعمل من خلال منح الناس مهارات للتعامل مع أعراض مثل: المزاج المكتئب والأفكار غير المفيدة مثل: فكرة الطفل أن لا أحد يحبه أو أن الأشياء ستكون دائمًا على هذا النحو، يتعاون فيه الطفل مع معالجه لتحقيق الأهداف المحددة مثل: ملاحظة أنماط التفكير غير المفيدة وتغييرها وتحسين القدرة على حل المشكلات، ويكون محور هذا العلاج هو تعليم الأطفال أن أفكارهم ومشاعرهم وسلوكياتهم كلها مترابطة، لذا فإن تغيير إحدى هذه النقاط يمكن أن يغيرها كلها (الثلاث معًا)، حيث يساعد التنشيط السلوكي في مواجهة العزلة التي يعاني منها الأطفال المصابون بالاكتئاب في كثير من الأحيان، والتي يمكن أن تعزز مزاجهم المكتئب. ^[3]

العلاج السلوكي الجدلي (DBT):

يمكن أن يكون العلاج السلوكي الجدلي مفيدًا بالنسبة للمراهقين المصابين بالاكتئاب الشديد، يُعتبر هذا العلاج شكلًا من أشكال العلاج المعرفي السلوكي الذي تم تكييفه للأشخاص الذين يواجهون صعوبة في إدارة المشاعر المؤلمة للغاية، وقد يتوجهون لإيذاء أنفسهم بالأفعال أو بالأفكار السلبية.

عندما تدرك أن طفلك لديه مشاعر شديدة يحتاج لإدارتها فإن هذا العلاج يعلم الأشخاص ممارسة اليقظة (التواجد الكامل في الوقت الحالي والتركيز على شيء واحد في كل مرة دون نقد أو أحكام)، وتطوير مهارات حل المشكلات مثل: تحمل الضيق والتعامل مع المواقف الصعبة بطريقة صحية والتفاعل بشكل أكثر فعالية مع الأصدقاء والعائلة، وهو علاج منظم للغاية يوفر جلسات للآباء مع أبنائهم لتعلم هذه المهارات.

العلاج النفسي التفاعلي (IPT):

يمكن أن تؤثر العلاقات الاجتماعية أحيانًا على الاكتئاب بل وتحافظ عليه، وعندما يصاب طفلك بالاكتئاب من الممكن أن يؤثر ذلك على علاقاته مع الناس، في هذه الحالة يعمل العلاج النفسي التفاعلي من خلال معالجة علاقات الطفل لدعمه وجعله أكثر صحة، ويتعلم الأطفال من خلاله مهارات لتوصيل مشاعرهم وتوقعاتهم بشكل أفضل، وحل المشكلات للتعامل مع النزاعات، وملاحظة متى يمكن أن تؤثر علاقاتهم على مزاجهم.

هناك نوع من هذا العلاج يُستخدم مع المراهقين المصابين بالاكتئاب لمعالجة مخاوف العلاقات الشائعة بينهم كمشاكل التواصل مع الآباء أو الأقران، وفي هذه الجلسات يُطلب من الأبوين الحضور.

العلاج المعرفي (MBCT):

بينما لا تزال تعاين مدى فعاليته عند المراهقين، فإن العلاج المعرفي القائم على اليقظة هو علاج آخر ثبت أنه يعمل مع الأطفال والبالغين المصابين بالاكتئاب، ويعمل عن طريق دمج طرق العلاج السلوكي المعرفي مع اليقظة، فاليقظة تعلم الناس أن يكونوا حاضرين تمامًا في الوقت الحالي وأن يراقبوا أفكارهم ومشاعرهم دون أحكام، وهذا يمكن أن يساعدهم في مقاطعة أنماط الفكر غير المرغوب فيها التي يمكن أن تحافظ على أو تؤدي إلى نوبة ملحة، مثل: الانتقاد الذاتي أو التركيز على الأشياء السلبية بطرق غير بناءة، ورغم أن هذا العلاج وُجد لمساعدة الأشخاص الذين يعانون من نوبات الاكتئاب المتكررة، لكن يمكن استخدامه أيضًا لعلاج أول نوبة من الاكتئاب عند طفلك.

العلاج بالأدوية:

تتشابه خيارات علاج الاكتئاب بالأدوية عند الصغار والبالغين، وغالبًا ما يقترح طبيب طفلك العلاج النفسي أولاً، ويعتبر الدواء المضاد للاكتئاب خيارًا إضافيًا إذا كانت الأعراض شديدة، أو إذا لم يكن هناك تحسن كبير في العلاج النفسي وحده. تشير أفضل الدراسات حتى الآن إلى أن مزيجًا من العلاج النفسي والأدوية هو الطريقة الأكثر فعالية لعلاج اكتئاب الطفولة بنجاح. ^[4]

الاكتئاب مرض مهم وشائع ولا يجب إهماله، فإذا كانت الصحة النفسية لطفلك تتعارض مع الأنشطة الاجتماعية أو الاهتمامات أو الأعمال المدرسية أو الحياة الأسرية يمكنك الحصول على المساعدة عبر تطبيق كيورا واستشارة أطبائنا المختصين.

اشترك في برنامج العودة للحياة بعد الاكتئاب من كيورا، لتعرف أكثر عن أساليب علاج الاكتئاب وتحقيق الاستفادة القصوى منها لتعود إليك السعادة والسلام الداخلي.