يعاني بعض الأشخاص من صعوبات في التحدث أمام حشد من الناس، أو يخشون من نظراتهم وحكمهم عليهم، وهذا ما يدفعهم للميل إلى الوحدة والانعزال عن الآخرين، تعرف الحالة السابقة باسم الرهاب الاجتماعي، وهي من الاضطرابات النفسية الشائعة التي تؤثر بشكل سلبي على حياة الشخص وتقدمه في العمل أو الدراسة وعلاقته مع عائلته وأصدقائه؛ سنتعرف في هذا المقال على هذا الاضطراب وأهم الأعراض والعلامات المرافقة له، بالإضافة إلى الطرق التي تساعدك في التغلب عليه.
المحتويات
ما هو الرهاب الاجتماعي؟
يعرف الرهاب الاجتماعي على أنه حالة من الخوف أو القلق تجاه بعض المواقف الاجتماعية، خوفًا من أن تكون أقوالك أو تصرفاتك غير مناسبة، وعلى العموم فمن الطبيعي أن يشعر الأشخاص بالقليل من الخجل في المواقف الاجتماعية، أما الأشخاص المصابون باضطراب الرهاب الاجتماعي فإن المواقف الاجتماعية تحرض لديهم مشاعر أكبر من الخجل كالقلق والعصبية والخوف.
تشير التقديرات إلى أن ما يقارب 10% من الأشخاص حول العالم يعانون من اضطراب الرهاب الاجتماعي بنسب متفاوتة، وهو شائع لدى الرجال والنساء على حد سواء، وفي معظم الحالات يبدأ الرهاب الاجتماعي في مرحلة الطفولة ويتطور خلال فترة المراهقة، وإن الغالبية العظمى من الأشخاص المتأثرين بهذا الاضطراب يدركون أن قلقهم أو خوفهم مبالغ فيه لكنهم لا يجدون ما يستطيعون القيام به لمواجهة هذا الخوف، وينتهي بهم الأمر منعزلين عن الوسط المحيط بهم، وهذا ما يؤثر بشكل سلبي على صحتهم الجسدية والنفسية وعلاقاتهم مع العائلة والأصدقاء، بالإضافة إلى التحصيل الدراسي والأداء في بيئة العمل.
ما أهم أسباب الرهاب الاجتماعي؟
لم يتم تحديد السبب الدقيق لهذا الاضطراب حتى الآن، ولكن يعتقد العلماء أن عدة عوامل تساهم في تطوره وزيادة شدته، من أهمها:
- خلل النواقل العصبية في الدماغ، وأهمها السيروتونين والدوبامين والغلوتامات وهي المواد التي تساعد على تنظيم الحالة المزاجية.
- وجود رضوض نفسية سابقة كالتربية الصارمة أو التعنيف من قبل الأهل أو الإساءة الجسدية أو العاطفية.
- العوامل الوراثية من الممكن أن تلعب دورًا مهمًا حيث ينتشر اضطراب الرهاب الاجتماعي في العائلات، ولكن لم يعرف إذا كان ذلك بسبب العوامل الوراثية أم نتيجة تعرض الأشخاص لنفس الظروف النفسية والبيئية.
ما المواقف الاجتماعية التي تثير الرهاب الاجتماعي؟
يخشى بعض الأشخاص المصابين باضطراب الرهاب الاجتماعي من حالة أو موقف اجتماعي معين (كالتحدث أمام الجمهور)، لكن آخرين يخافون من مواقف اجتماعية متنوعة (الرهاب الاجتماعي المعمم)، وتشمل أهم المواقف المحرضة للقلق:
- الحفلات والتجمعات.
- التحدث أمام جمهور من الناس.
- البدء بمحادثة مع الأشخاص وخاصة الغرباء.
- إبداء الرأي وسط نقاش عام.
- التحدث مع الأشخاص ذوي المناصب الإدارية.
- تناول الطعام أمام الآخرين.
- المواقف التي تضع الشخص موضع الاهتمام كالاحتفال بعيد ميلاده مثلًا. [1]
ما أهم أعراض وعلامات الرهاب الاجتماعي؟
تتعدد الأعراض والعلامات المرتبطة باضطراب القلق الاجتماعي وتختلف شدتها من شخص إلى آخر، تساعدك معرفة هذه الأعراض على تحديد ما إذا كنت أنت أو أحد الأشخاص المقربين منك تعاني من هذا الاضطراب، ما يمكّنك من التدخل بشكل مبكر للحد من تطور هذا الاضطراب وزيادة شدته، وعمومًا تقسم الأعراض إلى أعراض نفسية وجسدية، وتتضمن أهم الأعراض الجسدية لاضطراب الرهاب الاجتماعي كلًا من:
- احمرار الوجه.
- الغثيان والإقياء وألم البطن.
- التعرق الغزير.
- الارتجاف وصعوبة الكلام.
- تسرع التنفس.
- الدوخة أو الدوار.
- تسرع ضربات القلب.
أما الأعراض النفسية لاضطراب الرهاب الاجتماعي، فتتضمن:
- القلق الشديد قبل وأثناء وبعد الموقف الاجتماعي المحرض.
- الخجل والخوف من القيام بأمور محرجة.
- الخوف من أن يلاحظ الآخرون قلقك وتوترك.
- التغيب عن المدرسة أو العمل بسبب القلق المستمر.
- الشعور بالحاجة لاستخدام بعض الأدوية أو التدخين لمواجهة الموقف الاجتماعي.
- صعوبة التركيز على أي شيء غير الأفكار السلبية وردات فعل الآخرين.
- الأفكار السلبية المستمرة والإحساس بالفشل.
اقرأ أيضًا: كيف تعرف أنك مصاب بالرهاب الاجتماعي؟
هل للرهاب الاجتماعي أي مضاعفات؟
إذا لم يشخص ولم يعالج هذا الاضطراب بشكل مبكر، يمكن أن يحدث لدى الشخص مجموعة من المضاعفات الهامة، ومن ضمنها:
- إدمان الكحول أو المخدرات أو التدخين لمواجهة الضغوط المرتبطة بالمواقف الاجتماعية.
- صعوبات في تكوين علاقات اجتماعية مع أشخاص جدد أو الحفاظ على العلاقات الموجودة مسبقًا.
- تأخر التحصيل الدراسي أو تراجع الأداء ضمن بيئة العمل.
- الاكتئاب والرغبة الدائمة بالانعزال عن الآخرين.
- الأفكار الانتحارية المستمرة.
- انعدام الرغبة في مغادرة المنزل.
هل هناك علاج لاضطراب الرهاب الاجتماعي؟
يمكن أن تساعدك عدة خيارات في علاج اضطراب الرهاب الاجتماعي، ويختلف مدى نجاح كل علاج منها تبعًا لحالتك، فبعض الأشخاص يمكن أن يتحسنوا باستخدام علاج واحد بينما قد يحتاج البعض الأخر إلى مشاركة عدة علاجات معًا، وتتضمن الخيارات العلاجية:
العلاج السلوكي المعرفي
يهدف هذا النوع من العلاج إلى مساعدة الناس لتغيير طريقة تفكيرهم وشعورهم وتصرفاتهم عند تعرضهم للمواقف الاجتماعية، ويتضمن جلسات مع أطباء نفسيين أو اختصاصيي دعم نفسي يقومون بتثقيف الأشخاص حول طبيعة الرهاب الاجتماعي، ويعلمونهم كيف يتحدون الأفكار والمشاعر السلبية ويغيرونها، بالإضافة إلى تعريضهم بشكل تدريجي لمواقف شبيهة بالمواقف المحرضة للرهاب.
العلاج الدوائي
تساعد بعض الأدوية في السيطرة على أعراض الرهاب الاجتماعي ولعل من أهمها مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية وحاصرات بيتا، من المهم أن يتم وصف هذه الأدوية من قبل الطبيب المختص، وهي عادة ما تستخدم بالمشاركة مع العلاجات الأخرى.
تغيير العادات ونمط الحياة
يمكن أن يساعد تغيير نمط الحياة في تخفيف أعراض الرهاب الاجتماعي، ويوصي معظم الأطباء وخبراء الصحة النفسية بأن يقوم الأشخاص المصابون بالرهاب الاجتماعي بالخطوات التالية:
- تمارين التنفس والاسترخاء.
- تجنب المنبهات والتدخين.
- النوم لساعات كافية كل يوم.
- التعرف على محرضات الرهاب ومحاولة السيطرة عليها.
- ممارسة التمارين الرياضية بانتظام
- الالتزام بتناول طعام صحي ومغذي.
- العثور على شخص موثوق للتحدث معه بشكل مستمر عن كافة المخاوف والمشاعر السلبية. [2]
تذكر دائمًا أن علاج الرهاب الاجتماعي يساعد بشكل كبير على تحسين نوعية الحياة والعلاقات الاجتماعية والتقدم الدراسي أو المهني، لذلك احرص على الالتزام بالتوصيات العلاجية بشكل جيد للسيطرة على أعراض الرهاب التي لديك، ويمكنك كذلك التواصل مع معالجك النفسي عبر تطبيق كيورا؛ للحصول على استشارات طبية مع نخبة من الأطباء المتميزين. للتخلص من اضطراب الرهاب الاجتماعي وتجاوز تأثيراته السلبية انضم الآن لبرنامج الرهاب الاجتماعي.
اقرأ أيضًا: كيف يمكنك التغلب على الرهاب الاجتماعي؟
المراجع:
[1] Social anxiety (social phobia, www.nhs.uk, retrieved 10/2/2022
[2] Social anxiety disorder (social phobia, www.mayoclinic.org, retrieved 11/2/2022
